تاريخ فلسطين

ولادة الدولة اليهودية في فلسطين بمباركة عصبة الأمم: محطات في تاريخ الصراع الفلسطيني في الفترة من 1920 – 1925 م

الهدية في الغالب تكون من مالكها الخاص، ولكن ماذا تفعل الدول الاستعمارية كبريطانيا، وفرنسا، والأمم المتحدة، لتُهادي حُلفائها، أو لتعطي وعود شخصية في محادثة عابرة؟


هنا سنتعرف على الهدية الخاصة التي أهدتها عصبة الأمم للحركة الصهيونية لإنشاء دولتهم الإستعمارية على أرض وتاريخ شعب فلسطين في الفترة من 1920 – 1925.


المشهد الفلسطيني عــــــــــــــــام 1920


منذ ولادة الدولة اليهودية في فلسطين في 1920، شهد هذا العام العديد من الأحداث، بمباركة بريطانيا وعصبة الأمم:

1- في شهر ابريل
 

تم عقد مؤتمر سان ريمو في باريس بحضور وفد من اليهود، حيث خرج قرار تقسيم أراضي الدولة العثمانية، وإهداء فلسطين إلى اليهود لتحقيق وعد بلفور، وذلك تحت إشراف الإنتداب البريطاني، كما تم تعيين اليهودي هربرت صموئيل كمفوض عام لفلسطين من قبل الحكومة البريطانية.

وفي نفس الشهر، وأثناء احتفال الفلسطينين بعيد النبي موسى، حدثت مناوشات في المسجد الأقصى من قبل اليهود مع الفلسطينيين؛ مما أدى إلى إندلاع إنتفاضة النبي موسى أو ما تعرف بثورة العشرين، إذ أسفرت عن:

  • مقتل 4 أشخاص من العرب وجرح 24 آخرين.
  • إدانة بريطانيا الفلسطينيين على ما حدث.
  • مقتل 5 من اليهود وجرح 211. 
  • إصابة 7 جنود بريطانيين.
  • عزل موسى كاظم الحسيني.
  • الحكم على أمين الحسيني، كامل البديري، وعارف العارف بالسجن 20 عاماً (تم إسقاط الحكم فيما بعد).

ثم شُكلت لجنة بالين للتحقيق في سبب انتفاضة النبي موسى وتوصلت إلى أن:

1- مسؤولية هذه الأزمة تقع على عاتق اللجنة الصهيونية والمسؤولين الصهيونيين.

2- شعور الفلسطينيين بالخداع، وخيبة الأمل، والخوف من الهيمنة اليهودية؛ يرجع إلى سيطرة الصهيونيين على إدارة البلاد تحت مسمى الإنتداب البريطاني. 


2- في مايو من نفس العام

كان من المقرر عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الثاني، لكن لم ينعقد بسبب الحظر الذي فرضه الإنتداب البريطاني على البلاد، كما أنه كان من المقرر الاحتجاج على قرار مؤتمر سان ريمو بتضمين وعد بلفور في الانتداب البريطاني على فلسطين. 

3- في شهر يوليو 

تم عقد مؤتمر صهيوني في يوليو من عام 1920 بلندن، بهدف:

  • تأسيس صندوق دولي لجمع الأموال من المجتمعات اليهوديّة في العالم.
  • توسع وإنشاء وطن صهيوني على أرض فلسطين.

4- في أكتوبر عام 1920 

شهد هذا الشهر في فلسطين العديد من الأحداث، مثل:


1- بدأ المندوب السامي البريطاني صامويل في تنفيذ سياسات توطين اليهود بشكل متزايد، مما أثار غضب السكان العرب وأدى إلى مزيد من التوترات والاحتجاجات حيث:

  • استبدل الطوابع الفلسطينية بطوابع جديدة بـ 3 لغات، العبرية، والانجليزية، والعربية.
  • أعطى الإذن بنزوح 16500 يهودي لفلسطين كل عام.
  • سمح ببيع الأراضي الفلسطينية لليهود.
  • عين أمين الحسيني مفتياً للقدس.

حيث قام الحسيني ببعض التجديدات في المسجد ومنها حائط البراق، فقام اليهود بالاحتجاج لدى صامويل على قرار التجديد، وكان السبب أن الفلسطينيين لا يحق لهم المساس بالحائط المبكي والمقدس بالنسبة لهم. 

وعلى أثره قاموا باستفزاز الفلسطينيين المتواجدين داخل القدس أثناء التجديدات، وحدثت بعض المناوشات، وتم قمعها على الفور من جانب الإنتداب البريطاني.

2- أصدرت السلطات البريطانية سلسلة من القوانين الجزائية؛ بهدف منع تكرار الأحداث السابقة، والتي استهدفت بشكل أساسي منع الاحتجاجات من قبل المقاومة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية:


3- تم إصدار أول مرسوم لمنع الجريمة في أكتوبر 1920، كخطوة أولى تمكّنت منها السلطات البريطانية من فرض قيود على الأفراد المشتبه بهم في ارتكاب أعمال قد تؤدي إلى اضطراب السلام العام، وهذا المرسوم سمح للسلطات بتقييد حركة الأفراد واعتقالهم دون ارتكاب أي مخالفة محددة، مما أثار انتقادات حادة من الفلسطينيين والقيادات العربية.


ومن القوانين الجزائية ننتقل إلى قوانين الإحتيال على الملكية العقارية للفلسطينيين بما يخدم مصالح إقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين. وكان هذا باستخدام المراسيم والتشريعات القانونية، إذ استطاعت السلطات البريطانية تغيير طبيعة وهيكلة الملكية العقارية في فلسطين، مما أدى إلى إقامة الدولة الصهيونية على حساب حقوق العرب الفلسطينيين.

ومن هنا، تم إصدار أول مرسومين لعام 1920 وهما:

1- مرسوم الأراضي المحلولة

كانت الأراضي المحلولة (الأراضي التي لم تتم زراعتها لمدة طويلة أو توفي صاحبها دون ورثة) تحت سيطرة الدولة العثمانية، وكانت تُمنح بسهولة لأي طرف معني. لكن مرسوم الأراضي المحلولة الذي أصدرته السلطات البريطانية أدى إلى تحويل جذري في وضعية الأراضي، فقد اعتبر هذا المرسوم حيازة الأراضي غير قانونية، ووضعها تحت عقوبات شديدة، مما نتج عنه تقييد تحويل ملكية تلك الأراضي، وهو ما خدم مصالح الهجمات الصهيونية للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي.

2- مرسوم انتقال الأراضي

ينص على الحد من المضاربة على الأراضي، وحماية مُلاك الأراضي والمستأجرين، ولكن تبين أن هذه الأحكام لم تكن كافية في مواجهة التحايل الشرعي التي استغلته المؤسسات الصهيونية لمخالفة تلك القوانين لمصالحهم الخاصة.


5- انتهى عام 1920 بانعقاد المؤتمر الوطني الفلسطيني الثالث، في حيفا في شهر ديسمبر.


حيث تم انتخاب اللجنة التنفيذية العربية المكونة من تسعة أعضاء، برئاسة موسى كاظم الحسيني، وذلك بهدف تصريف الأعمال بين المؤتمرات، والتنديد بالبريطانيّين لتولّيهم السلطات التشريعيّة بدلاً من برلمان منتخب، وإدانة إنشاء المجلس الاستشاري الذي يتمّ تعيين أغلبية أعضائه من البريطانيّين، وذلك في محاولة لإبطال حق الفلسطينيين في التعبير واتخاذ قرارات.

المشهد الفلسطيني عـــــــــــــام 1921

استمر إصدار قوانين الإحتيال على الملكية العقارية للفلسطينيين بما يخدم مصالح إقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين:

1- ففي 16/2/1921 

تم إصدار مرسوم الأراضي الموات، حيث حظرت السلطات البريطانية حيازة أراضٍ غير مزروعة أو غير مأهولة، بهدف توسيع قبضتها على الأراضي الفلسطينية، وهذا أثار استياءًا كبيرًا بين القيادات العربية  

2- في مارس 1921

انتقالاً من قوانين الإحتيال على الملكية، إلى قوانين القمع، أصدر الإنتداب البريطاني مرسوم الشرطة الفلسطينية. ونص على تأسيس شرطة فلسطينية كقوة شرطة مدنية، تمتلك صلاحية إعلان منطقة معينة على أنها منطقة مضطربة، وفرض عقوبات مالية جماعية على سكانها لتغطية تكاليف إقامة مراكز شرطة إضافية.

3- وفي مايو من نفس العام

شهد اندلاع ثورة يافا، إذ حدثت اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين واليهود المدعومين من الانتداب البريطاني، حيث قاد الصهاينة مظاهرة خرجت من تل أبيب نحو حي المنشية بيافا، أثناء احتفال الفلسطينين بعيد العمال في الأول من مايو؛ بهدف الانتقام لدم اليهود الذين سقطوا في ثورة موسى النبي.


وجاءت العديد من الأسباب إثر هذه الاشتباكات ومنها:

  • حقن مبيت من قبل الصهاينة تجاه الفلسطينيين للإنتقام لـ 5 يهوديين، قد قُتلوا أثناء ثورة العشرين.
  • رفض الانتداب البريطاني مطالب المؤتمر الوطني الثالث، والتمسك بوعد بلفور، واستمرار الهجرة اليهودية لفلسطين، وعدم السماح بإنشاء حكومة فلسطينية مستقلة.

وبعضها أسباب غير مباشرة حيث:

  • دعوة الصحف الصهيونية الفلسطينيين -أهل البلاد- إلى الرحيل عن فلسطين إلى الصحراء العربية.
  • قرار العرب بحارة ميناء يافا، بمقاطعة البواخر التي تأتي باليهود إلى فلسطين، والامتناع عن تفريغها.
  • إقالة موسى كاظم باشا الحسيني من رئاسة بلدية القدس سببا آخر من أسباب الغضب والتوتر.
  • رفض بلدية القدس قرار حكومة الانتداب البريطاني بأن تعتبر اللغة العبرية لغة رسمية في البلاد. 

وكانت الأحداث كالآتي:

في بداية الأمر، خرجت المظاهرة من تل أبيب بحراسة بريطانيا للاحتكاك بشباب المنشية بيافا، ولكن تصدى أهل المنطقة لهم وسقط عدد من القتلى والجرحى.


وفي اليوم التالي، عادت العصابة الصهيونية إلى مهاجمة حي المنشية للمرة الثانية، فتصدى لهم أهالي المنطقة، ووقع عدد من القتلى. كما أنه في نفس اليوم حول الصهاينة هجومهم على قرية العباسية بيافا، وقاموا بمذبحة ضد الفلاحين الآمنين.
وأسفر عنه رد أهالي القرية بالهجوم على المستعمرات المجاورة، واشتبكت عشيرة أبو كشك مع القوات البريطانية التي كانت تحمي المعتدين الصهاينة.

وجاء نتيجة الأحداث في اليوم الثالث، إذ اتسع نطاق الثورة وحاول الشبان الفلسطينين مهاجمة مستعمرة ملبس (بتاح تكفا)، فتصدت لها قوات الحكومة البريطانية، بإطلاق النار الكثيف الذي أوقع ستين شهيداً فلسطينياً وعشرات الجرحى.


بعدها جاء طلب الحكومة البريطانية من كلا من الزعيم موسى كاظم الحسيني، المفتي الحاج أمين الحسيني، والأسقفية الكاثوليكية، بتهدئة الشباب الفلسطيني. واتضح فيما بعد أن سياسة التهدئة كانت مجرد خديعة؛ حيث أرسلت الحكومة البريطانية في طلب قوات من قبرص، وحالما وصلت القوات نقض البريطانيون عهدهم، وهوجم العرب في يافا والمناطق المجاورة.

نتائج الثورة أسفرت عن:

  • سقوط 157 شهيداً فلسطينياً، ووجود نحو 700 جريحاً.
  • سقوط 47 قتيلا وجرح 148 من الصهاينة والبريطانيين.
  • تشكيل بريطانيا محاكم عسكرية أصدرت الأحكام الجائرة بحبس العديد من القادة والنشطاء، وخصت الشيخ شاكر أبو كشك بغرامة  ضخمة بعدما أحرقت منزله.
  • فرض حكومة الانتداب غرامة بقيمة ستة آلاف جنيه فلسطيني على أهالي القرى من قلقيلية، وطولكرم، وقاقون.

4- أما في أكتوبر عام 1921

شكلت بريطانيا لجنة هايكرافت للتحقيق في أسباب ثورة يافا برئاسة قاضي القضاة هايكرافت، وقررت اللجنة أن أسباب الثورة ترجع إلى خطة بريطانيا بإقامة وطن لليهود في فلسطين، وإلى انحيازها السافر مع اليهود، وعملها على حرمان العرب من حكم أنفسهم بأنفسهم.

وعلى صعيداً آخر، استمرت المقاومة السياسية السلمية المتمثلة في المؤتمرات الفلسطينية، لمطالبة الإنتداب البريطاني في حق الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، ورفضه التام لما يحدث من تهجير اليهود، وقمع المقاومات السلمية بوحشية، والتنديد بما يفعله الإنتداب البريطاني بالوطن الفلسطيني.

وخلال عام 1921 قرر المؤتمر الوطني الفلسطيني الرابع المقام بالقدس، إرسال وفد فلسطيني إلى لندن لشرح الموقف من جهته ضد وعد بلفور، واستمر الوفد لمدة سنة في لندن حتى يوليو 1922، بهدف عقد المفاوضات وليؤكّد أنّ “الشعب الفلسطينيّ لن يعترف أبداً بحقّ أيّ منظّمة غريبة بانتزاعه من بلدهم”.

5- في شهر ديسمبر


كان عام 1921 حافل بالأحداث والدماء والقمع على جميع المستويات، وقبل انتهائه، قام الانتداب البريطاني بتعديل مرسوم نقل ملكية الأراضي، حيث حاول التخفيف من الاستياء الناجم عن مرسوم نقل ملكية الأراضي لسنة 1920، لكن هذا لم يكن كافياً لمنع البائعين والمشترين من اللجوء إلى أساليب غير قانونية لتجنب القيود المفروضة على التصرف بالأراضي.

أثرت السياسات القانونية التي فرضتها السلطات البريطانية بشكل كبير على الملكية الأرضية في فلسطين، وخدمت مصالح الحركة الصهيونية في الحصول على المزيد من الأراضي خلال الفترة من 1920 – 1925، واستعداداً لإستقبال المزيد من اليهود المهاجرين حيث بلغ عددهم خلال الفترة من 1920 – 1921 إلى 185 ألف مهاجر. 

كما اشترى الصندوق الوطني لليهود 240 ألف فدان من مرج بن عامر شمال فلسطين، ويرجع الفضل في صفقة الشراء إلى القوانين التي وضعتها بريطانيا فيما يخص الملكية العقارية كما أشرنا سابقاً في هذا المقال.

المشهد الفلسطيني عـــــــام 1922

ظهرت مشكلة جديدة بعد أن فشل مرسوم الشرطة الفلسطينية في ردع ثورة يافا، وهي كيف يمكن للانتداب السيطرة على  المناطق الريفية البعيدة عن المدن، وردع أي مقاومة أو ثورة قبل أن تنشئ من قبل الفلسطينيين؟


1- في الفترة من يوليو 1921 – أبريل 1922 

على غرار ذلك، تم تأسيس قوة ردع جديدة تحت مسمى الدرك الفلسطيني، وهي قوة متنقلة، هدفها القيام بدوريات في المناطق الريفية، وقمع أي من الاحتجاجات والشغب، إذ استمر تأسيسها أكثر من 10 شهور. 

ولكي لا تُقَابل تلك المؤسسة بالرفض من قبل الفلسطينيين، سعت بريطانيا إلى تجنيد أفراد من كل الأطياف، فقد تم تكوين قسم محلي من الدرك مكون من أعداد متساوية من المسلمين العرب واليهود والأقليات المحلية. وسعياً لتقديم مصلحة الخطة الصهيونية فوق كل شئ، كانت السلطة العليا في يد المؤسسة الصهيونية والانتداب البريطاني.

2- وفي يناير 1922 

أثناء تأسيس الدرك الفلسطيني، دخل مرسوم منع الجريمة حيز التنفيذ

بالرغم من تنفيذ مرسوم منع الجريمة في العقوبات التي فرضها الإنتداب على القرى الفلسطينية أثناء ثورة يافا بشكل تعسفي، إلا أن مرسوم المسؤولية الجماعية عن الجريمة لم  يدخل حيز التنفيذ إلا في يناير 1922 حيث ينص على:
تحميل قرى، أو قبائل بأكملها، المسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها “أشخاص مجهولون”، وبالتالي يسمح بفرض غرامات جماعية على هذه المجتمعات أو إجبارها على دفع تكاليف إقامة مراكز شرطة إضافية.

*في الوقت الذي مازال الوفد الفلسطيني يجتهد  في لندن لعرض أسباب معارضته وعد بلفور، اصدر ونستون تشرتشل، وزير الدولة لشؤون المستعمرات حينذاك، الكتاب الأبيض (تشرتشل) في شهر يونيو حيث يُفصّل فيه الفهم البريطاني للوعد، فيذكر أن:

– إعلان وعد بلفور لا يسعى تحويل فلسطين “برمتها” إلى وطن قومي يهودي، بل أن مثل هذا الوطن يجب أن يؤسّس في فلسطين، و أن وجود اليهود في فلسطين هو حق لهم وليس منّةً.

– أن بريطانيا ستلتزم بتوفير وطن القومي لليهود، وستدعم زيادة أعداد اليهود عن طريق الهجرة.”.

– كما وعد الكتاب بإنشاء برنامج ذاتي لفلسطين وتشكيل مجلس تشريعي مختلط يمثل الشعب الفلسطيني الذي يبلغ نسبة العرب فيه 78% من عدد السكان وينص البرنامج أن المجلس سيتألف من 23 نائباً 13 منهم يهود و10 عرب!

حقوق المجلس:

– ليس له حق الإعتراض على قرارات الإنتداب.

– ليس له الحق في الإعتراض على هجرة اليهود لفلسطين.

– ليس له صلاحيات عملية.

– ليس له شأن بالقضايا المالية للدولة.

 الكتاب أثار ردود فعل متباينة بين اليهود والعرب، حيث قبلت المنظمة الصهيونية الكتاب مع تأكيده لوعد بلفور، بينما رفض الجانب العربي الكتاب بالكامل لعدم رضاه عن سياسة الوعد البريطاني والتأكيد على حق اليهود في الهجرة إلى فلسطين، ورفض إنشاء مجلس صوري سوف يتم إنشاء لخدمة المصالح الصهيونية فقط.

*في ال 7 من يوليو طالبت الجمعيات الفلسطينية وفد المؤتمر الفلسطيني بلندن بالعودة إلى فلسطين بعد إصدار الكتاب الأبيض والإعتراض على ماجاء فيه شكلاً وموضوعاً، وفي 24 من نفس الشهر تصادق عصبة الأمم على ما جاء في الكتاب الأبيض وتعترف بأحقية إقامة دولة صهيونية في فلسطين، وتبسط يدها للمساعدة في أي وقت.

*وفي أغسطس 1922 انعقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الخامس،في  نابلس للاستماع إلى نتائج زيارة الوفد الفلسطيني العائد من لندن وصرح بــ:

– استمرار النضال نحو الاستقلال.

–  استنكر الدستور المقترح لفلسطين الذي ينص على إقامة مجلس تشريعي.

– رفض المؤتمر المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي الصوري، والذي يهدف إلى تسهيل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فلا قيمة لأصوات الممثلين الفلسطينيين على أية حال، فهم أقلية مقارنةً مع الأكثرية المكونة من الموظفين البريطانيين واليهود، وستحتاج قرارات المجلس على الدوام إلى موافقة المندوب السامي الذي هو في الأصل صهيوني يهودي.

*في نهاية العام تم عمل حصر للتعداد السكاني وكانت نسبته 78% مسلمين، 9.6 % مسيحيين، ووصلت نسبة اليهود الذي لم يكون لهم وجود في القرن الماضي إلى 11%

______________________________________________________________

المشهد الفلسطيني عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام 1923:
*في شهر فبراير 1923 أعلنت بريطانيا القيام بإنتخابات الهدف منها إحلال المجلس التشريعي الفلسطيني الذي يرفض الشعب الفلسطيني وجدوه ولا يعترف به، مكان المجلس الإستشاري الفلسطيني الذي تأسس في بداية الإنتداب البريطاني 1920 وكان يتكون من 10 أعضاء بريطانيين، 4 مسلمين، 3 مسيحيين ويهود، وعلى الرغم من الإقصاء المتعمد للفلسطنيين بشكل فعلي كدور في المجلس الإستشاري والذي يتكون من 11 عضو بريطاني ويهودي والأثنان يعملون لحساب الإجندة الصهيونية، قرر الشعب الفلسطيني الثبات على موقفهم وعدم المشاركة في الإنتخابات التي تستخدمها بريطانيا لتلميع سياستها أمام العالم وانها تستخدم الديموقراطية وتعترف بأحقية الشعب بإختلاف توجهاته في الإنتخابات التشريعية والتي تخدم في الأساس أجندتها الصهيونية،ولكن في النهاية فشل المندوب البريطاني تشكيل المجلس التشريعي، قرر إحياء المجلس الإستشاري المؤقت مرة أخرى.

*بعدها قررت اللجنة الوطنية قيام المؤتمر الفلسطيني السادس في يونيو بمدينة يافا، وأعلن ما يلي:

–   رفضه لإحياء المجلس الإستشاري المؤقت.

– قرروا إرسال وفداً فلسطينياً إلى لندن، لمناقشة المناخ السياسي التعسفي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.

ونظراً لهدوء الأحداث داخل فلسطين في تلك الفترة نسبياً، ورغبة اليهود في زيادة معدل التهجير وأعداد الدولة

*تم عقد المؤتمر الصهيونيّ الثالث عشر، كارلسباد (كارلوفي فاري) في أغسطس بدولة تشيكوسلوفاكيا، وتقرر ما يلي:

السماح لليهود غير الصهاينة بالمشاركة في الوكالة اليهودية، وفقاً لنص المادة 4 في صك الإنتداب والتي تم رفضها سابقاً، والتي تنص على التعاون مع جميع اليهود على مستوى العالم الذين هم على استعداد للمشاركة في إقامة الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين، هذه المادة ستسمح لليهود بشحن وتهجير المزيد من اليهود إلى فلسطين بشكل أسرع.

*وفي شهر أكتوبر عرض المندوب البريطاني على 26 من الوجهاء الفلسطيينين خطة تشكيل وكالة عربية ولكنهم رفضوا، وطالبوا بتشكيل حكومة دستورية فلسطينية.
_____________________________________________________________

المشهد الفلسطيني عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام 1924
* شهد عام 1924 هدوءاً نسبياً على المستوى السياسي والإجتماعي، ووضع الإحتلال الصهيوني بذور الإستقرار الإقتصادي على الأراضي الفلسطينية، حيث:

*تم تأسيس موشاف مجديل على منطقة السهل الساحلي في شمال فلسطين وهي جزء من مجتمعات الزراعة اليهودية، الهدف منها توفير مجتمعات زراعية يهودية ذاتية الكفاية من المحصول الزراعي.

*تم تأسيس مستوطنة بني براك الزراعية، كمستعمرة صهيونية ملاصقة لقرية الخيرية الفلسطينية والتي سيهجر أهلها بالكامل قصراً عام 1948، على يد الحاخام إسحاق، كجزء من حركة اليشوف اليهودية التي كانت تهدف إلى تطوير مجتمعات زراعية يهودية في فلسطين.

* في ديسمبر من نفس العام  تأسست هرتسليا كمجتمع زراعي بهدف تعزيز الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتطوير الزراعة والحياة الريفية لليهود الواصلين.
______________________________________________________________

المشهد الفلسطيني عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام 1925

*في يناير بداية عام 1925 تم إصدار مرسوم منع الجريمة في المناطق القبلية والقروية، حيث يمنح لسلطة الانتداب البريطاني فرض غرامات جماعية على القبائل أو القرويين  في حال عدم تعاونهم في الكشف عن الجناة و المساعدة في القبض عليهم، كما كان يلزم رؤساء القبائل بالإبلاغ عن أي جريمة تحدث في مناطقهم والتعاون مع السلطات في القبض على المتهمين، وكان يتيح للحكومة البريطانية فرض إجراءات على الشيوخ القبليين غير المتعاونين وحتى مصادرة الماشية من القبائل التي لا تتعاون بشكل كافٍ، قانون آخر ينضم إلى سياسة القمع والتعبير لمنع أي مظاهرات أو ثورات مستقبلية.
ومن بنود سياسات القمع ننتقل إلى الحركة الصهيونية التي تنتعش وتضع بذور النظام التعليمي للصهاينة:
*على الأراضي الفلسطينية ومن مدينة حيفا حيث الإحتفال الرسمي لتخنيون في شهر فبراير وهو معهد للتكنولوجيا.
*في 1 أبريل 1925، تم افتتاح حرم الجامعة العبرية في القدس على جبل المشارف، بحضور  العديد من قادة العالم اليهودي وا بعض الشخصيات البريطانية من بينها إيرل بلفور المسبب الأساسي في القيام الحركة الصهيونية على أرض فلسطين، تسببت زيارته في حدوث مظاهرات في جميع أنحاء فلسطين، وإضراب عام على هذه الزيارة، والإحتجاج على افتتاح الجامعة العبرية، وقاطع الزعماء الفلسطينين هذا الإفتتاح.

وبعد هدوء الوضع الذي أخمد بسهولة بفضل القوانين العقابية التي فرضتها بريطانيا على الشعب الفلسطيني، استمرت الحركة الصهيونية بالتوسع في الجانب الزراعي بإنشاء:
* كيبوتس جفعات هشلوشا بواسطة مجموعة من المهاجرين اليهود في شهر مايو.
* تأسيس موشافرماتايم، ثاني المجتمعات الأصلية الأربعة للزراعة اليهودية، بعد موشاف مجديل الذي أنشأ في العام السابق.
تعكس أحداث تلك الفترة المظلمة في تاريخ فلسطين، أن إسرائيل دولة إستعمارية فرضت نفسها على أرض وشعب فلسطين، تأثرت خلالها ملكية الأراضي الفلسطينية وتغيرت هوية الشعب الفلسطيني، بفعل سياسات القمع والصراعات المستمرة بين أصحاب الأرض والمستعمر الصهيوني بمساعدة بريطانيا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على Ernest Baker إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى