احلام لم تتحقق

حلمي تحقق ولكن أين أنا ؟

في أرض الأحلام الصغيرة، وبالفعل هي صغيرة حيث لا يُسمح لها بأن تكون كبيرة لأن أصحابها لايعيشون كثيراً فقد تنتهي حياتهم في لحظة على يد رصاصة غادرة أو قذيفة إسرائيلية كبيرة موجهه لنسف هذه الأحلام بأصحابها، في أرض غزة حيث يتلاقى الأمل وفقط الأمل فلا مجال لليأس في كل شارع وكل منزل وكل نَّفَس، في هذه البقع  الصغيرة جداً من العالم نجد أناسًا صغاراً يحملون في قلوبهم أحلاماً مملوءة بالحياة والأمل رغم المحن.

 إحدى هذه القصص المؤثرة هي قصة عوني الدوس، الطفل الفلسطيني البالغ من العمر 12 عاماً، الذي عاش وترعرع في ظل الصراع الدائم في قطاع غزة.

عوني لم يكن مجرد طفل عابر، بل كان لديه حلم يتقاسمه مع العالم عبر قناته على اليوتيوب، حلم بأن يبلغ عدد مشتركي قناته على منصته  100 ألف مشترك، رغم بساطة هذا الحلم إلا أن قذائف الإحتلال الإسرائيلي غيّرت مجرى حياته وحرمته من تحقيق حلمه.

نحكي لكم قصة عوني التي ليست مجرد قصة لطفل، بل هي صدى للكثير من الأحلام التي تُسَلَّب وتحتجز في طيات الحرب على غزة، إنها قصة تلامس واقعاً يعيشه الأطفال الفلسطينيون يومياً، حيث تتلاقى فيه الأماني مع الموت في مشهد يحتضن الصمود والإصرار.

في هذا المقال، سنستعرض حياة عوني، وحلمه الذي تم سرقته بوحشية، وسنلمس من خلالها معاناة الشعب الفلسطيني وتحدياته في ظل الظروف القاسية، مؤكدين على أهمية السعي للسلام والعدالة بحق أصحاب أرض الزيتون، الذين ضحوا بحيواتهم وأحلامهم ومستقبلهم على مدار أكثر من عقدين لأجل الحرية والاستقلال لأرضهم، أرض فلسطين.

كُلما نظرت إلى فيديوهات عوني، الطفل الفلسطيني الصغير البالغ من العمر 12 عامًا على قناته وهو يشاركنا حلمه الصغير، يشعر قلبي بالحزن والألم.

لقد كان يمتلك حلمًا بسيطًا يراود الكثير من الأطفال في جميع أنحاء العالم.
لا سيّما أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والهند، فهم السلاح الفتاك الآن في الحرب على أطفال غزة، لو كان عوني مواطن في إحدى تلك الدول وقام أحدهم بمنعه فقط من تحقيق حلمه وليس قتله لثارت وسائل إعلامهم ومنظمات حقوق الإنسان والطفل، ولكن عوني ليس إلا طفل عربي فلسطيني من غزة فهو بنظرهم مجرد حيوان على حد قولهم لذلك سمحوا لإسرائيل بسحقه، وإذا كان أهل غزة حيوانات على حد قولهم فأين حقوق الحيوان حتى!

 لا عليك الآن انكشف الغطاء عن تلك المنظمات فما هي إلا بيادق يعطى لها الضوء الأخضر متى تتحرك ومتى تتوقف!

فتلك المنظمات ما هي إلا ستار يريدون أن يخبروا من خلاله العالم عن مدى إنسانيتهم، وعلى الجانب الآخر تتجلى وحشيتهم كضوء الشمس.

نعود الآن إلى الشهيد عوني الدوس، فقد كان حلمه أن يصبح  يوتيوبر مشهور ويصل عدد مشتركي قناته إلى 100 ألف مشترك، وقد كان يعلم في صميمه كباقي أطفال غزة أنه قد لا يكون هناك غد، ولكنه كان مصممًا على تحقيق حلمه.

عوني كان يعيش في قطاع غزة، بقعة صغيرة بفلسطين تعرضت على مدار أكثر من عقدين للكثير من الصعوبات والتحديات في ممارسة الحياة بشكل إنساني بسبب الإحتلال الإسرائيلي، فعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها عوني وأسرته، إلا أنه كان يحمل الأمل والإصرار في قلبه.

كان عوني ينشئ محتوى ترفيهي خاص بالألعاب ويشارك طبيعة حياته على قناته على يوتيوب بكل حماس ونشاط، وكان يحلم بأن تصل قناته إلى 100 ألف مشترك، كما كان متفوقاً في دراسته ويساعد أصدقاءه في أنشطتهم المدرسية، كما كان لديه حلم آخر بأن يصير مبرمج، وكانت هذه القناة بداية لمشاركة العالم، عالمِه الصغير.

ولكن بين لحظة وأخرى، تغيرت حياة عوني بشكل غير متوقع، ففي إحدى ليالي أكتوبر، تعرض منزله لغارة إسرائيلية مدمرة، وفي هذه الغارة القاسية، فقد عوني حياته مع  12 فردًا من عائلته.

 لم يتمكن عوني من تحقيق حلمه، ولن يكون لديه الفرصة لرؤية يوم تحقيق هذا الحلم، والذي تحقق بالفعل بعد خبر استشهاده، فاليوم وأثناء كتابة هذا المقال وصلت قناته إلى 1.34 مليون مشترك، كما لم يبقى أحد من عائلته ليكون شاهد على تحقيق حلم طفلِهم الصغير فقد أُبيدت عائلتُه بالكامل.

عوني ليس سوى إحدى هذه القصص القاسية التي تحدث في فلسطين يوميًا على مدار أكثر من عقدين في عالم الحداثة عالم الحريات، إنها قصة عن طفل فلسطيني يحلم ويسعى لتحقيق أمنياته.

 في أكتوبر عام 2023 تم سرقة حياة عوني وحلمه بوحشية على مرمى العالم، ولكن بقيت روحه تعيش في القلوب التي عرفت قصته.

 
لا يزال العالم الحر يصرخ من أجل الحرية والعدالة لشعب فلسطين ووقف الحصار على قطاع غزة، ففي هذا الشهر فقط، أكتوبر عام 2023، وصل عدد الشهداء في فلسطين حتى الآن إلى 76691، منهم 2872 طفلًا، والباقي نساء ومسنين، ومازال هذا العدد في ازدياد، هؤلاء الأبرياء فقدوا حياتهم بسبب الأعمال العدوانية والغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

 قال طفل فلسطيني ذات مرة حينما سُأل عن حلمه لما بتكبر شو بدك تصير: “قال احنا بفلسطين مابنكبرش، احنا بننطخ في أي لحظة ممكن نموت.” هذه العبارة تعكس واقعًا مؤلمًا يعيشه أطفال فلسطين يوميًا، وكان عوني أحد هؤلاء الأطفال.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على Michael Eubanks إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى