مدن فلسطين

مدينة اللِد

مدينة اللِّد بكسر اللام، وتشديدها كما شدّد الكيان الصهيوني على أهاليها، وشيوخها، وأطفالها، ويُطلق عليها أيضًا المدينة المُختلطة، لكون الفلسطينيين يعيشون بها على تماس مُباشر مع دول الاحتلال؛ لكنها لن تظلّ كذلك طويلاً هُنا أرض المُقاومة التي ظلّت تقاوم، ورُفع بها علم فلسطين، ونُزع علم إسرائيل في عام 1966 حينما أعلنت حالة الطوائ في المدينة.

من خلال هذا المقال ستتعرّف عن كل الأرجاء التي تأتي بخاطرك تجاة المدينة التي تتمثّل في الآتي:

  • السبب وراء تسميتها بهذا الاسم
  • موقع المدينة
  • تاريخها
  • سُكانها الأصليون
  • مزاياها
  • ماذا يُطلق عليها الصهاينة

التسمية

في عصر تحتمس الثالث الفرعوني، عُرِفت مدينة اللد بلقب “رتن”، وعندما جاءت فترة الرومان، تغيّر اسمه “ديوسبوليس” وبعد ذلك كانت ولا زالت اللِّد.

كما ذُكر أن اسم اللد جاء نسبة لمجموعة من الناس كانوا يعيشون في منطقة سواحل آسيا الصغرى الواقعة على بحر إيجة يسمون باللديون، وكانوا على قدر كافٍ من الحضارة، هاجروا إلى فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وسكنوا في مدينة اللد، وسميت نسبة لهم.

الموقع الجغرافي

تتمركز مدينة اللد على بُعد 38 كيلومترًا شمال غرب القدس، وتبعد 16 كيلومترًا جنوب شرق مدينة يافا، وخمسة كيلومترات شمال شرقي من الرملة.

في الماضي، كانت المدينة تسيطر على الطريق الرئيسية، وخط سكك الحديد الذي يربط يافا بالقدس، وتغطي مساحتها حوالي 14.8 كيلومتر مربع، ويعيش فيها اليوم مزيج من اليهود والعرب، حيث تم تهجير غالبية سكانها الفلسطينيين بعد النكبة.

تاريخ المدينة

في أعقاب الفتح الإسلامي، كانت مدينة اللد تحمل مصيرًا ذا أهمية فائقة في قلب فلسطين التاريخية وذلك بتوجيه من القائد العسكري العبقري عمرو بن العاص “رضي الله عنه”، واستقرت المدينة كعاصمة لجند فلسطين في العام 636م. وكانت اللد في ذلك الوقت تُنشد قصة فتحها الخالدة، حيث ازدهرت بمفردها وتألقت كلؤلؤة تحت نور الإسلام.

تواصلت سيادة اللد كعاصمة لجند فلسطين حتى نشوء مدينة الرملة في عام 715م، حيث انتقل مركز الرئاسة إليها، معتليًا قمة التألق الحضاري في تلك الحقبة، وتحوّلت اللد في ذلك الوقت إلى لوحة تاريخية تشكلت من فترات المجد والتحول.

في عهد سليمان بن عبد الملك، الخليفة الأموي الحكيم، أخذت اللد دورًا أساسيًا كعاصمة مؤقتة؛ حيث كانت تحكم فلسطين بأكملها في ذلك الزمان، ترتسم ملامح القيادة والعظمة على وجه المدينة.

وكما هي حكاية اللد المتجددة، فقد انطلقت في سلسلة من التحولات مع مرور القرون حتى اجتاحتها قوات الصليبيين في عام 1099م فهو تاريخ مؤلم انقضى على طياته بعد أكثر من 150 عامًا، حين حررها السلطان بيبرس عام 1267م، وأعاد لها نفسها وسط الأمم.

وعلى شاطئ زمن الحروب العالمية والانتدابات، استنفرت اللد عزيمتها وصمودها في عام 1917م، وباقتراب جيش الاحتلال البريطاني انتقلت من تحت الحُكم العثماني لتصبح المدينة تحت الانتداب البريطاني بحسب اتفاقية سايكس بيكو.

هذه الحقبة شكلت فصلًا جديدًا لمدينة اللد، حيث شهدت تغيرات جذرية في هويتها وحياتها اليومية.

وعقب هذا الاحتلال النكبة منذ عام 1948م حتى الآن لتبقى مدينة اللد، المدينة القديمة والحديثة، تستمر في رسم مسار تاريخها بألوان الصمود والتحول، مع محافظتها على جاذبيتها التي تتجسد في شوارعها ومعالمها الفريدة رغم محاولات الكيان الصهيوني لإخفاء هذا.

ومن أهم ما حدث قبل ثلاث أعوام بالمدينة الذي أثار غضب الشعب في عام 2021م استشهاد/ موسى حسونة الذي يُتم أطفالة ورُملت زوجته عقب أحداث حي الشيخ جراح. ويُعد حسونة من أقدم العائلات بالمدينة، وتتوالى الأحداث والانتهاكات لفلسطين جمعاء حيث بلغ عدد الشهداء أثناء كتابة هذا المُدونة من السابع من أكتوبر 2023 حتى الخامس والعشرون من يناير 2024 إلى 25,500  شهيد وأكثر من 63,470 مُصاب.

تُرى هل سيتوقّف عدد الشهداء من شيوخ، وأطفال، ونساء أم سيظلّ في ازدياد حتى يأتي موعد الخلاص، وتحرير الأرض؟

الشهيد موسى حمودة

السكان الأصليون

في ظل الدهور التي تشكلت، وتلاحمت في بمدينة اللد، نتج عنها تشكيل وتشابك تاريخي استثنائي كمدينة كنعانية، وتُعد اللد واحدة من أكبر وأقدم المدن في فلسطين التاريخية حيث أسسها الكنعانيون في الألف الخامس قبل الميلاد، وهي تنطلق من جذورها العميقة لتكون حاضرًا حيًّا للتفاعل بين الثقافات والحضارات.

ما يميز المدينة

اشتهرت اللد بمعاصر زيت الزيتون وزيت السمسم، وكان سوقها التجاري الذي يُعقد كل يوم اثنين منبع الحركة التجارية لها، وللقرى والبلدات المُجاورة، واقترن اسم اللد بمدينة الرملة، فهما توأمان، تقعان في وسط فلسطين تقريباً، وتبعد الواحدة عن الأُخرى نحو 3 كم فقط.

أهم معالم المدينة

ومن هُنا نحيط بزوّار موقع اعرف فلسطين علمًا بأهم المعالم بالمدينة:

  1. خان الحلو: الذي أصبح مركزًا لإيواء المسافرين حاليًا، ويُعد تاريخيًا بتأريخه الذي يمتد لفترة المماليك، وتتواجد أيضًا في المدينة محطة السكة الحديدية.
  2. الساحة الشرقية ومنارة الأربعين: كانت هذه الساحة ملجأً لمحمد بن أبو حذيفة بن عتبة في عهد معاوية بن أبي سفيان، خاصة بعد واقعة مقتل الخليفة عثمان بن عفان.
  3. مطار بن غوريون: أُنشئ في زمن حكومة الانتداب البريطاني، ومع تأسيس دولة إسرائيل، تحول إلى المطار الدولي للدولة.
  4. كنيسة القديس جاورجيوس: تعود إلى القرن الثالث الميلادي، وهي الكنيسة التي أُقيمت فوق قبر القديس جاورجيوس.
  5. جسر جنداس: تم بناؤه بأمر من الظاهر بيبرس، ويقع في شمال المدينة، يعود تاريخ بنائه إلى فترة المماليك.
  6. الجامع العمري: تم بنائه بأمر من الظاهر بيبرس في فترة المماليك.
  7. بئر الزنبق: بئر قديم يعود تاريخه إلى فترة الصليبيين، يحمل قصصًا تاريخية غنية.

ماذا يطلق عليها الصهاينة؟

اللود بواو تسبق الدال، وذلك بمحاولةٍ منهم لطمس الاسم الأصلي، وجعل الناس ينطقون الاسم بهذا الشكل بدلًا من الاسم الصحيح، ولكننا سنظلّ نقول اسمها اللِّد وليس اللود للأبد.

في النهاية

ختامًا، يظهر لنا هذا المقال تاريخ مدينة اللد كلوحة فنية تحمل في جنباتها تراثًا عريقًا وتنوعًا ثقافيًا.

منذ فجر التاريخ الفرعوني حتى لحظتنا هذه، وظلّت حاملةً في أحضانها آثار الماضي العظيم وبصمات الحاضر الذي نعيشه الآن.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى