مدينة حيفا

نظرة عامة عن المدينة:
لكل بلدة مدينة مميزة تُطل على السواحل، ويُطلَق عليها “عروس البحر” كما هو الحال مدينة الإسكندرية بدولة مصر العربية؛ حيث أُطلق عليها عروس البحر.
كذلك الحال بمدينة حيفا الفلسطينية أُطلق عليها عروس البحر لكونها نقطة التقاء البحر المتوسط بكل من السهل وجبل الكرمل.
ونحنُ الآن على شفا أن نخبرك بقصة هذه المدينة، ومن خلال هذا المقال ستتعرّف على الآتي:
– موقع المدينة.
– تاريخها.
– سُكانها الأصليون.
– مزاياها.
– السبب وراء تسميتها بهذا الاسم.
– الأدب العربيّ في حضرة مدينة حيفا.
– ماذا يُطلق عليها الصهاينة.
موقع المدينة الجغرافي:
تقع مدينة حيفا ضمن لواء حيفا بالأراضي الفلسطينية المُحتلة، وتستقر على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، تمتاز بموقعها الاستراتيجي على السفح الشمالي لجبل الكرمل، الذي يعلو 546 متراً عن سطح البحر تحديداً على شمالي غربي العاصمة القدس، حيث تبعد عنها مسافة تقدر بحوالي 158 كيلومتراً.
موقع حيفا الاستراتيجي يشكل وجهًا محط أطماع الغزاة على مر العصور، فهي تقع في نقطة تقاطع حيوية تجمع بين البحر واليابسة.

تاريخ المدينة:
تأسست مدينة حيفا في زمن الكنعانيين، وفُتحت أبوابها أمام المسلمين في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، حيث شهدت غزوًا هامًا برئاسة القائد عمرو بن العاص، واستمرت مدينة حيفا تحت سيطرة العرب الإسلاميين حتى أتت الفترة الفاطمية، حيث احتلتها الفرنجة واستمرت سيطرتهم لمدة 87 عامًا، قبل أن يستعيدها القائد صلاح الدين الأيوبي.
لكن عادت إليها الفرنجة في عهد الظاهر بيبرس، قبل أن يتم استردادها من قبل الأشرف خليل بن قلاوون.
تجاوزت حيفا تلك الفترات التاريخية لتشهد ازدهارًا كبيرًا في العصر العثماني، حيث بُنيت المدينة القديمة في ذلك الوقت، بما في ذلك جامع الاستقلال، والعديد من المعالم البارزة. في عام 1761، تأسست حيفا الحديثة وأصبحت مركزًا للدين البهائي، وتحتضن آثارًا بهائية مهمة، بما في ذلك حدائق البهائيين المشهورة، التي تقع على سفح جبل الكرمل وتطل على البحر الأبيض المتوسط.
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، خضعت حيفا للاحتلال البريطاني في عام 1918، وفي إطار وعد بلفور، تم تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين.
وكانت حيفا من بين تلك الأراضي التي تطمح إلى أن تكون الميناء الرئيسي للدولة اليهودية الجديدة، ومع نكبة عام 1948، تم احتلال حيفا من قبل الصهاينة، وشهدت السكان مأساة تتمثل في القتل والتهجير القسري. وحتى يومنا هذا، وأثناء كتابة هذا المقال في الرابع عشر من ديسمبر لعام 2023 تظلّ حيفا تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، ويقاوم شعبها الباسل لنيل الحرية، وردّ الحقوق المُغتصبة لأصحابها.

السبب وراء تسميتها بهذا الاسم:
أُطلق على مدينة حيفا أسماء متعددة مثل (حيفا – خيفاس – خيفس ) ويرجع تسميتهم لها إلى الكاهن قيافا الذي عاش في عهد يسوع المسيح.
أضاف المؤرخ “ياقوت الحموي” صاحب معجم البلدان أن أصل تسمية المدينة يُرجح أن يكون مشتقًا من “حيفاء”، وهي كلمة تعني الجور والظلم، وقد وردت هذه التسمية في معجم البلدان لياقوت الحموي، الذي أشار إلى الإرتباط اللغوي بين اسم المدينة، والمفهوم الذي يُعبر عن الظُلم والظُلمة.
المؤرخ ياقوت الحموي

ما يميمز المدينة:
تُعتبر منطقة حيفا ملتقى لزراعة متنوعة تتضمن محاصيل مثل القمح، والشعير، والعدس، والحمضيات، والخضراوات، وتتميز بارتفاع أعداد كروم العنب وأشجار الزيتون واللوزيات على مرتفعات جبل الكرمل.
تعيش المنطقة أيضاً على إيقاع حيوي نابض في مجال الصناعة وحركة التجارة، حيث تتألق بفعالياتها من خلال شبكة متقدمة من الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى ميناء حيفا الذي يلعب دورًا هامًا في تسهيل عمليات التصدير للعديد من المنتجات الفلسطينية ومن المناطق العربية المجاورة.
تنثر مدينة حيفا جمالها الساحر عبر تضاريسها المُتنوعة، حيث تتراقص أمواج البحر مع الجبل، والسهل في لحنٍ بصوت الطبيعة الخلابة، وبينما تعانق السهول الفيضية الخضرة الطبيعية، نهر المقطع يلتف حول زوايا المدينة، يسمو في خيال السكان كجوهرة تبرز في خليج عكا، ويتلألأ بجماله الفريد.
مدينة حيفا تجمع بين تلك الخصائص الفريدة، متألقة كأحد أجمل الوجهات الطبيعية في المنطقة، تستحق التجوال في شوارعها الجذابة لاستكشاف جمالها المتجدد.
وإجمالاً أهم المعالم بمدينة حيفا:
– خليج حيفا البحري.
– جبل الكرمل.
– سهول حيفا الساحليّة، والسهول الفيضيّة.
– نهر المقطع الذي يصبُّ في خليج مدينة عكّا.
الليل بمدينة حيفا عروس بحر فلسطين المتوسط

الأدب العربيّ في حضرة مدينة حيفا:
تعكس جدران مدينة حيفا في فلسطين تراثًا أدبيًا يتجسد في لحظات اشُعراء، والأدباء الكبار.
حيث أن الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ظلّ يُردد بأشعاره على شواطئها، ويصف حجرًا فيها بأنه يعادل كل البحار.
في سحر هذه المدينة، تستمد كلمات الشاعر أحمد دحبور إلهامها، حينما يصفها بـ “الجنة”، ويترنّم برغبته في أن يأخذها إليها، كما يُشرق الكلام من فم والدته التي تدعوه بشوق ليوم تكبر فيه ويأخذها إلى حضن حيفا الغنية بالتاريخ والجمال.
في رواية “عائد إلى حيفا” للأديب غسان كنفاني، تتجسد المدينة كمصدر للذكريات، حيث يعود البطل إليها ليواجه الأماكن الرمزية كوادي النسناس وشارع الملك فيصل، وفي لحظات التساؤل، يقول لزوجته بصوت هامس: “من أين نبدأ؟”
حيفا ليست مجرد مكان، إنها محور للإلهام والإبداع، حيث تتجسد في أعمال الكُتاب، والشُعّار، والأدباء في وصف جمالها، والحديث عنها.
من الأسماء التي أُطلقت عليها من قبل اليهود:
“جات حيفر”
حيث أسماها الرحالة اليهودي “بنيامين الطليطي” بهذا الاسم، وأطلق على سُكانها: بالأدوميين.
في النهاية:
في حالة وصولك إلى هُنا تكون قد تعرّفت على قُصة هذه الرحلة الأدبية إلى مدينة حيفا التي يتجسد جمالها كوردة فلسطينية تتفتّح رغم طيات التاريخ، والحزن.
وستظل حيفا، بقلبها القويّ، وروحها المضيافة، محفورة في ذاكرة الكلمات، والأشعار كواحدة من أجمل المُدن بالعالم
وأمل العودة، والتحرير يتناثر بين أهلها كأزهار على طول الطرقات الفلسطينية في ضوء من الأمل، والإيمان.
Hi, this is a comment.
To get started with moderating, editing, and deleting comments, please visit the Comments screen in the dashboard.