احلام لم تتحقق

وردة غزاوية، من طرح شجرة الأمل

اقرأ في هذا المقال
  • Knowledge is power
  • The Future Of Possible
  • Hibs and Ross County fans on final
  • Tip of the day: That man again
  • Hibs and Ross County fans on final
  • Spieth in danger of missing cut

على مدار 17 عام من بدأ الحصار على غزة، وبالرغم من شدة الحصار وسوء معاملة سكان هذه الرقعة، والتعتيم الإعلامي على ما يحدث هناك، إلى أن شعب غزة لم يلقي بالاً لما يحدث، يكفي أنه يقاوم من أجل أرضه وهويته مع يقين بأنه سيأتي اليوم الذي سيتحرر فيه هذا الجزء من العالم، وإلى أن يأتي هذا اليوم فقد ذُرع بداخل كل منهم شجرة الأمل، والصمود، والمقاومة

مع استقبالهم لما يحدث لهم بسعادة ورضا، ومن طرح شجرة الأمل تفتحت وردات غزاوية تُأثر من يُشاهِدُها فقد تنوعت ألوانها بعلم فلسطين، كنت سأستثني اللون الأسود ولكن للأسف هذا اللون كان يُزين نهاية كل وردة غزاوية كشريط أسود على صورتها، كعلامة على فقدان تلك الوردة للأبد بفعل قنابل الاحتلال الإسرائيلي.

 الوردة رقيقة وقد تتناثر أجزاءها بفعل الهواء، فكيف بقنبلة مُصممة لتفتيت البنايات؟ لذا، نهاية معظم الوردات الغزاوية كانت أشلاء تم انتشالها من تحت أنقاض بناياتهم ومُخيماتهم، أو لربما من تحت أنقاض المستشفى الذي كانوا يتداون فيها، فقد تم انتشال أشلاء أكثر من 5000 وردة غزاوية، وكل منها له قصة.

حديثنا اليوم عن وردة العطل، وردة غزاوية، اتخذت من صِفتها اسماً لها، فقد انتشر عبيرها عبر فيديوهاتها وصورها التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي في ال 25 من أكتوبر.

في كل مرة تحدث فيها الحرب على قطاع غزة، كان المشهد واحداً، طفل ينقل الخبر عبر عدسة الصحفي الذي يغطي الحدث، فيحدثه هذا الطفل عن عدد الشهداء في عائلته، وآخر يحكي مشهد القذيفة وهي تسقط على بناية صديقه، الذي كان يشاركه لعب الكرة، ويصف مشهد رأس صديقه الذي انشطر إلى نصفين وهو في حالة من الرعب والهلع من هول ما رأى، وآخر يرتجف في عدسة الصحفي، وتكفي هذه الرجفة لشرح هول ما عاشُه، وآخر ينظر إلى عدسة الصحفي في هلع ورعب بأعين متسعة تحكي عن مدى الرعب الذي يعيشُه هذا الطفل الآن! لقد كنت نائماً!

كل طفل من طرح شجرة الأمل والصمود له بصمة وقصة، ربما يرويها المحيطون به، أو نجد شاهداً على أحلامهم على مواقع التواصل الخاصة بهم، التي كانت المتنفس الوحيد لهم في هذا الحصار لمشاركة العالم أحلامهم الوردية، والتي يسعون إلى تحقيقها، ولكن ورد العطل فقد شاركت العالم بصْمتها عبر الفيديوهات والصور التي كانت تتخِذُها لها عائلتها، ومشاركة العالم لجمالها ودلالها، ونشر نسيم زهرتهم الغزاوية التي أثرت بضحكاتها قلب من شاهدها.

في ال 25 من أكتوبر امتلأت صفحات السوشيال ميديا بفيديوهات وصور وردة غزة، وتحدث الجميع عن براءتها وجمالها، الذي تم انتشاله ومحوه للأبد على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، كانت فيديوهات ورد تمتاز بحركاتِها العفوية، ولبسها الجميل التي كانت تقتنيه لها والدتُها، لتلتقط لها بعض الصور والفيديوهات كذكرى جميلة لمراحل طفولتها، لتتشاركها معها حينما تكبر وتحكي لها عن كواليس التقاط تلك الصور، ومدى سعادة أسرتها بتلك اللحظات الجميلة التي كانت تجمعهم معاً، ولكن والدتها لم تكن تعلم أن للقدر رأياً آخر، فقد كانت هذه الفيديوهات أحد المصادر التي اعتمدها رواد التواصل الاجتماعي كشاهد على ذكرى وردة العطل وعائلتها التي قُتلِت على يد الاحتلال الإسرائيلي العنيف في قطاع غزة عام 2023.

استخدم رواد التواصل الإجتماعي تلك الفيديوهات لتحريك مشاعر الغرب الذي مازال يدعم قتلة الأطفال، ربما براءتها تهز قلوبهم وتذكرهم ببشاعة ماحدث مع أكثر من 3000 طفل غزاوي آخر، فلغة الغرب مؤخراً تبدلت من دعم الإنسانية، لدعم مشروط بالعرق، فقد قرروا دعم (إسرائيل)، التي قدمت رواية الأطفال الكاذبة كدليل على السماح لها بإبادة 2 مليون فلسطيني من الوجود،

نحن لدينا أيضاً رواية حقيقية لطفلة غزاوية تحولت إلى أشلاء!!

أليس من حق أهل غزة الذين يعانون من ويلات الحرب أخذ حصتهم من الدفاع عن أنفسهم كبشر وليس كحيوانات على حد قول بايدن رئيس أمريكا، مُؤيد قتلة الأطفال!

حينما قمت بجولة في صفحات الاحتلال الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي، لم أجد دليل واحد على روايتهم الكاذبة!

“وهي نحن نقتل الإرهابيين الذين قتلوا أطفالنا”؛ هي رواية كاذبة صدرتها قناة ال BBC, CNN عن قتل كتائب القسام ل 40 طفل إسرائيلي مقطوعي الرأس”

 في المقابل هناك آلالاف الفيديوهات العنيفة لأشلاء أطفال غزة توثقها أعين الصحافة التي تغطي يومياً مايحدث هناك، فلماذا يستمر الغرب في دعمهم إلى الآن؟

 لم أجد على صفحات هؤلاء سوى صورة لطفلة جميلة، ربما لم تقتل أصلاً، مع سطر من المحتوى “لماذا تقتل حماس الإرهابية هذا الجمال وهذه البراءة!”، نقل العالم هذه التغريدة، متجاهلاً الملايين من التغريدات والمنشورات التي تنقل صوراً ومشاهد عنيفة لقتل أكثر من 10 آلاف شهيد، من بينهم أكثر من 3000 طفل قتلوا بوحشية، ربما لاتكفي منشورات وتغريدات الواقع الإفتراضي لسرد حياة كل واحد من هؤلاء، ومشاركة صورهم في طفولتهم لإظهار مدى برائتهم، لكن الآن لا نستطيع الحصول على تلك الصور التي اختفت هي ومن التقطها تحت بناياتهم التي تم قصفُها بقنابل الإحتلال، وربما لم يتبقى أحد من ذويهم ليحكي لنا عنهم، فقد أختفت أكثر من 50 عائلة بأكملها تحت أنقاض الحرب على غزة في2023.

أما عن ورد العطل، فقد حالفنا الحظ للحصول على صورها وفيديوهاتها التي كانت عائلتها تشاركها مع العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد اشتهرت قصتها بـ “شبر ونص” وهذا هو الاسم الذي أطلقتهُ عليها والدتُها الشهيدة روند الحسيني، فقد كانت طفلتها التي لم يبلغ طولها شبرًا ونصف، وعمرها الذي لا يتجاوز السنتين ونصف، مصدر البهجة لكل من حولها؛ كانت تلك الصغيرة تستخدم  بعفوية دلالها وجمالها لإدخال السرور والبهجة على عالمها الصغير.

بعد مشاهدة فيديوهات تلك الوردة الغزاوية، بلغ عبيرها المزين بكلماتها المتقطعة وهي تغني نشيدها المُفضل إلى مسامعي، ورسمت بداخلي وردة صغيرة على شكل قلب مع ابتسامة على ثغري، ولكن تلاشت تلك الإبتسامة كتلاشي مصدرها الذي تحول إلى إشلاء بفعل قوات الإحتلال على غزة.

في ال24  من أكتوبر لعام 2023 تم انتشال اشلاء 5 وردات غزاوية من تحت أنقاض منزل ورد العطل وهم:
الطفلة ورد محمد العطل
الطفل همام محمد العطل
الطفل أوس محمد العطل
الطفلة يارا محمد الحسني
الطفلة بتول محمد الحسني
إلى جانب استشهاد 5 أفراد من عائِلتُها وهم:
والدها محمد العطل
والدتها روند فايز الحسني
خالتها رند فايز الحسني
خالها محمد فايز الحسني
زوجة خالها زهراء حازم العبادلة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى