تاريخ فلسطين

أصداء النكبة: تتشابه أحداث التهجير القسري في عام 1948 مع الواقع المأساوي في قطاع غزة اليوم

اقرأ في هذا المقال
  • Knowledge is power
  • The Future Of Possible
  • Hibs and Ross County fans on final
  • Tip of the day: That man again
  • Hibs and Ross County fans on final
  • Spieth in danger of missing cut


في عام النكبة 1948، شهدت فلسطين سلسلة من مراحل التهجير القسري التي زرعت الرعب في قلوب الفلسطينيين و أجبرتهم على ترك منازلهم وأراضيهم، حاملين معهم ذكريات الألم والهلع والدمار، وألم الغربة التي ظلت تلاحقهم جيلاً بعد جيل.
رحيلهم لم يكن اختياراً، بل كان إرغاماً، إذ هجّروا من بيوتهم وأراضيهم بقسوة، تاركين خلفهم ألماً لا يُنسى وحنيناً لوطنهم المنهوب، حاملين معهم مفاتيح ديارهم متمسكين بأمل العودة الذي لم يتحقق حتى الآن.


تمت عملية التهجير هذه على أربع مراحل وفق مخطط صهيوني إسرائيلي استند إلى اعتبارات جغرافية وديمغرافية، لم يكن التهجير مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل كان جزءًا من استراتيجية ممنهجة لإخلاء فلسطين من سكانها العرب، حيث ارتكبت الميليشيات الصهيونية، مثل الإرجون و الهاغاناه ، عدة مجازر لترويع السكان وإجبارهم على الهرب، اتجاه المناطق الحدودية كما يحدث الآن في غزة، حيث قامت إسرائيل بشن هجماتها على غزة زحفاً من الشمال إلى الجنوب ودفع النازحين اتجاه رفح الحدودية مع مصر، ولكن تلك الإستراتيجية يعلمها الفلسطينيين والعرب جيداً.


-المرحلة الأولى: عنف وترويع ( 29 نوفمبر 1947 – 15 فبراير 1948):

بدأت المرحلة الأولى، من التهجير القسري للفلسطينيين، عقب صدور خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947، حيث كان من المتوقع أن يبلغ عدد سكان الدولة اليهودية المقترحة مليون نسمة، 42% منهم عرب، فرأت القيادة الصهيونية أن الحل الوحيد يكمن في تهجير العرب الفلسطينيين، ومن هنا:

تصاعدت العمليات الإرهابية التي شنها تنظيِما “الهاغاناه” و”الأرغون” على القرى والمدن العربية، في 12 ديسمبر 1947، اقتحمت “الأرغون” قرية الطيرة وقتلت 12 عربياً وجرحت ستة آخرين. وفي 13 ديسمبر، هاجمت قرية العباسية، فقتلت سبعة وجرحت 34 من المدنيين.
بلغت ذروة العنف في نهاية ديسمبر عندما هاجمت “الهاغاناه” قرية بلد الشيخ، مخلفة أكثر من 60 قتيلاً.
تكررت هذه المشاهد المؤلمة في قرية لفتا بِالقدس، التي هُجّر سكانها البالغ عددهم 2,500 نسمة.

بدأ ترويع سكان حيفا العرب منذ ديسمبر 1947، مما أجبر 15,000 إلى 20,000 من النخب على اللجوء إلى لبنان ومصر.
استمرت الهجمات على القرى في منطقة حيفا خلال فبراير 1948، حيث هُوجمت قرى قيسارية، برّة قيسارية، خربة البرج، ودالية الروحاء.
وفي 14-15 فبراير، دمرت وحدات “البلماح” قرية سعسع (قضاء صفد)، تاركة وراءها 35 منزلاً مدمراً وما بين 60 إلى 80 قتيلاً.

المرحلة الثانية:  بداية الكابوس (10 مارس 1948 – 13 مايو 1948):

بدأ كابوس المرحلة الثانية من الترحيل القسري للفلسطينيين عندما اعتمدت القيادة الصهيونية خطة التطهير المعروفة باسم “الخطة دالت”،  في مارس 1948، حيث انتقلت من الهجوم العشوائي إلى الهجوم المنظم على المدنيين الفلسطينيين من أجل الإستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية قبل إنتهاء الإنتداب البريطاني:

أبريل 1948 (عملية نحشون): بدأت الهجمات الوحشية في الهضاب الغربية لجبال القدس، حيث قامت وحدات “البلماح” بالاستيلاء على قرية القسطل والدخول إلى دير ياسين لارتكاب مجزرة أودت بحياة أكثر من مئة رجل وامرأة وطفل، بعد مقاومة فلسطينية شديدة من قبل المدنيين الفلسطينيين تجد بعض تفاصيل المجازر في هذا المقال (هنا)

انتشرت أخبار مجزرة دير ياسين في كل أنحاء فلسطين، بهدف خلق جواً من الرعب والهلع في قلوب الفلسطينيين ودفعهم للهروب بدل المقاومة بعد دير ياسين.

توجهت الهجمات الصهيونية نحو المدن الفلسطينية حيث تحولت الأحياء الحضرية إلى مواقع للموت والخراب، مما دفع أهل المناطق للهرب والتهجير القسري نحو البحر أو الشرق، بينما احتلت القوات الصهيونية المدينة تلو المدينة، طاردة السكان الأصليين وتدمير كل ما يعترض طريقها.

ففي 18 أبريل  البداية كانت من طبريا التي كان يسكنها 5 آلاف فلسطيني  فروا  هؤلاء الناس المظلومون هرباً من بيوتهم تاركين كل شيء خلفهم بعد سقوطها، 

12 أبريل هُجمت حيفا، بعد القتال والهجوم العنيف عليها هرب نحو 55 ألف ممن بقي من سكانها الفلسطينيين عن طريق البحر إلى لبنان.

15 أبريل تم طرد جميع سكان مدينة صفد والبالغ عددهم نحو 9 آلاف و 500 نسمة.

26 أبريل  تم الهجوم على مدينة القدس، والاستيلاء على ثمانية أحياء في منطقة القدس الكبرى، وتسع وثلاثين قرية فلسطينية وطرد سكانها إلى الجزء الشرقي من المدينة.

وخلال أبريل: ، احتلت القوات الصهيونية العديد من القرى العربية بجوار مدينة يافا وتل أبيب وطردت ماتبقى من سكانها بعد القتل والترويع والتعذيب.

من 12 – 16 مايو: وقعت بيسان والقرى الواقعة في جوارها ثم عكا على الساحل في أيدي العصابات الصهيونية وتهجير وقتل المدنيين بتلك المدن.

13 مايو:  هاجم نحو 5 آلاف مقاتل من الهاغانا والأرغون على مدينة يافا وفرضوا عليها حصاراً محكماً فصمدت أكثر من ثلاثة أسابيع، لتسقط بالنهاية في أيديهم (بعد وساطة بريطانية) وتم طرد جميع سكانها البالغ عددهم 50 ألفاً.



المرحلة الثالثة: أكثر من 64 قرية مدمرة ومازال التطهير مستمر (15 مايو – 9 يوليو 1948)

مع إعلان دولة إسرائيل ودخول الجيوش العربية فلسطين، اشتعلت الحرب العربية-الإسرائيلية واندلعت مجازر جديدة أشد عنفاً بحق الشعب الفلسطيني. 

ففي مايو ويوليو: شهدت 64 قرية فلسطينية ممتدة بين تل أبيب وحيفا أسوأ أيامها، حيث اندلعت عمليات التطهير العرقي في ذلك الشهرين، وتحولت الأرض إلى مقبرة للأبرياء، ولم يتبقّى من القرى الفلسطينية الأربع والستين في تلك المنطقة سوى قريتين فقط هما الفراديِس وجسر الزرقاء.

22 مايو: شهدت قرية الطنطورة إحدى القرى الساحلية الكبرى، مجزرةً وحشيةً، راح ضحيتها مئات الأبرياء، كان يسكنها نحو 1500 نسمة، وذهب ضحيتها وفق بعض التقديرات 230 شخصاً.

وخلال يونيو: احتلت العصابات الصهيونية القرى الواقعة في الجليل الأسفل الشرقي وطردت سكانها.

10 يوليو: بدأ الهجوم على مدينة اللد بقصف جوي، تبعه هجوم مباشر على وسط المدينة التي كان يسكنها نحو 50 ألف نسمة، استمر القتال أربع أيام، ابادت خلالها العصابات الصهيونية نحو 426 رجلاً وامرأة وطفلاً من سكان اللد، حيث كان معظمهم محتمياً بجامع المدينة.

12 يوليو: هجم الصهاينة على بلدة الرملة، التي كان يسكنها 17 ألف نسمة، وأُرغمت سكانها، على الرحيل مشياً بلا طعام ولا شراب إلى الضفة الغربية لنهر الأردن، وهلك كثيرون منهم في الطريق بسبب الجوع والعطش.

في 16 يوليو:  لم يكن الفرار خيارًا لجميع سكان مدينة الناصرة، فقد كان معظم سكانها من المسيحيون فلم يرغب ديفيد بن غوريون في إخلاء المدينة من كل سكانها، لأنه كان يعرف أن عيون العالم المسيحي مركّزة عليها، حيث بقي بعض السكان والبالغ عددهم  16 ألف نسمة،منهم 10 آلاف مسيحيون. في مواجهة المأساة، بينما غادر آخرون بحثًا عن مأوى آمن.

المرحلة الرابعة: بناء دولة الإحتلال على أنقاض 90% من مساحة فلسطين الخاوية المدمرة   ( أكتوبر 1948 – يناير 1949)

في 21 أكتوبر، احتلت القوات الإسرائيلية بلدة بئر السبع الصغيرة، وهجرت سكانها البالغ عددهم 5 آلاف نسمة تحت تهديد السلاح إلى الخليل.

  في 29 أكتوبر: نشرت العصابات الصهيونية الرعب في قلوب أهل قرية الدوايمة الواقعة بين بئر السبع والخليل لدفعهم إلى الرحيل، وارتكبت مجزرة  شنيعة راح ضحيتها 455 شخص.

في نوفمبر:  تواصلت أعمال العنف والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين، حيث تم احتلال مدن الجنوب، (أسدود والمجدل) وطرد سكانها بقوة إلى قطاع غزة.

ديسمبر: لم تكتفِ القوات الإسرائيلية بذلك بإخلاء تلك المساحات الشاسعة من ساكنيها،  بل امتدت أيديهم إلى صحراء النقب وارتكبوا أكثر من مجرزة داخل الخيام، وقاموا بإخلاء باقي القبائل البدوية التي كانت تعيش هناك.

ومع نهاية الحرب المأساوية التي شهد فيها الشعب الفلسطيني ويلات المجازر والدمار والتهجير، حققت العصابات الصهيونية الإنجازات التالي:
– تهجير أكثر من 80 ألف فلسطيني داره وماله وإرثه وأرضه.
– تجرع كل فلسطيني هذا العام  ويلات الفقد، فقد أُزهقت روح أكثر من 15 ألف قتيل خلال ممارسات الإحتلال السادية على المدنيين العزل.
-أُصيب  3 أضعاف القتلى بجروح متفاوتة، وتركوا يعانون دون اهتمام طبي بجراحهم فقد كانت تمنع العصابات الصهيونية عربيات الصليب الأحمر من الوصول لإنقاذ الجرحى.
– من وسط كل هذا الدمار، والعبث ظهرت دولة إسرائيل المحتلة باعتراف من الأمم المتحدة على شرعية هذه الدولة السادية.
– ظهرت تلك الدولة على أنقاض  أكثر من 774 قرية ومدينة مدمرة بشكل كلي أو جزئي.
– سيطرت العصابات الصهيونية على حوالي 77 بالمئة من مساحة فلسطين الانتدابية، وهجّرت ما يقارب 90 بالمئة من سكانها العرب الأصليين.

على مدار الـ 8 أشهر الماضية، يعاني الشعب الفلسطيني المكلوم من سلسلة جديدة من المجازر الصهيونية بحجة القضاء على الإرهاب داخل قطاع غزة المحاصرة، ومازال العنف المستمر على أطفال ونساء وشعب غزة الأعزل، هذه الأحداث شكلت رحلة عبر الزمان في أذهان من عاشوا معاناة عام النكبة، فما أشبه ألم وظلم اليوم بالأمس. 



مصدر
مصدر


 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى